الذكاء الاصطناعي والمستقبل : نحو إنسانية هجينة

10/08/2025
00:00
20:42

يقدم الفيلسوف شارل بيبان تحليلاً حول التحديات والفرص التي يفرضها الذكاء الاصطناعي على البشرية في عام 2025، مقترحاً مفهوماً جديداً لـ "الإنسانية الهجينة".

في تحليله المتعمق، يوضح بيبان أن الذكاء الاصطناعي يضعنا أمام التزامين متناقضين ظاهرياً. الأول هو ضرورة التدقيق والتحقق المستمر من نتائج الذكاء الاصطناعي، حيث تصل نسبة الأخطاء إلى 42%. والثاني هو الحفاظ على دورنا كمبدعين ومستشرفين للمستقبل، نظراً لأن الذكاء الاصطناعي يعتمد حصراً على بيانات الماضي.

ويتحدى بيبان رؤية "فيلسوف الأمس" الذي يعتبر الذكاء الاصطناعي مجرد أداة. فالذكاء الاصطناعي يتطور بسرعة مذهلة، ويقرأ ويعالج كميات هائلة من البيانات، مما يشكل نوعاً من الذكاء يستدعي التواضع البشري. وما يثير الاهتمام أن نتائجه الإبداعية في تحسن مستمر، وطريقته الفريدة في معالجة المعلومات تمثل شكلاً من أشكال "الغيرية" المثيرة للتأمل.

ويشير بيبان إلى ظاهرة "الجرح النرجسي" التي يسببها الذكاء الاصطناعي، حيث يتفوق في مهام كانت حكراً على البشر، بما في ذلك التشخيص الطبي والتعاطف. وفي مفارقة لافتة، يرى أن هذه الصدمة النرجسية، التي تأتي في وقت تواجه فيه البشرية أزمات عالمية ناتجة عن غطرستها، قد تكون محفزاً للتغيير الإيجابي.

ومن النتائج المفاجئة التي يشير إليها بيبان أن العديد من المرضى يجدون في الذكاء الاصطناعي تعاطفاً أكبر مما يجدونه لدى معالجيهم البشريين. كما أن الطلاب في المستويات العليا يشعرون بالإحباط عندما يرون أن الذكاء الاصطناعي يمكنه إنتاج عمل أفضل مما يمكنهم إنجازه بعد ليلة كاملة من العمل.

يقترح بيبان مفهوم "الإنسانية الهجينة"، حيث نتعلم كيفية تحفيز الذكاء الاصطناعي والتحقق من نتائجه، خاصة في مجالات خبرتنا. هذا التعاون مع الذكاء الاصطناعي، مقروناً باحترام متجدد للعالم الطبيعي، يمكن أن يسمح للبشر بالاستفادة من قدرات الذكاء الاصطناعي مع تقديم الرؤية والإبداع الأساسيين اللذين يفتقر إليهما.

ويختتم بيبان رؤيته بالدعوة إلى إنسانية جديدة تجمع بين الدقة والتحقق من جهة، والخيال والرؤية المستقبلية من جهة أخرى. هذا التوازن، برأيه، هو المفتاح لوجود إنساني أكثر اكتمالاً ومسؤولية، حيث يمكن للبشر أن يكونوا "إنسانيين" بشكل أعمق من أي وقت مضى.