شهد متحف باردو بالعاصمة التونسية نهاية الأسبوع الماضي تقديم كتاب بعنوان "النساء والفن في المغرب الكبير"، وهو عمل مشترك بين الباحثة المغربية نادية صبري، رئيسة الجمعية الدولية لنقاد الفن ومديرة متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر، والجامعية التونسية رشيدة التريكي، المتخصصة في الجماليات.
الكتاب، الصادر باللغة الفرنسية عن دار النشر "الفنك"، يجمع بين أصوات فنانات تشكيليات وباحثات ومؤسسات فضاءات ثقافية من المغرب والجزائر وتونس. نشأت فكرته خلال ندوة دولية احتضنتها الرباط سنة 2021 بتنظيم من الجمعية الدولية لنقاد الفن، في إطار مشروع تابع لمنظمة اليونسكو.
وخلال حفل التقديم الذي نظم بدعم من مندوبية والوني بروكسيل بتونس، أكدت نادية صبري في مداخلة عبر الاتصال عن بعد أن العمل ليس مجرد تجميع أكاديمي لأوراق بحثية، بل ثمرة حوار متواصل وتبادل فكري مع المشاركات في الندوة، بهدف إصدار مؤلف يجمع بين القيمة البحثية والجمال البصري، مقدّماً سردية مغايرة لتاريخ الفن بالمغرب الكبير.
وشددت صبري على أن الكتاب لا يقتصر على الأصوات النسائية، بل يضم أيضاً مساهمات لرجال اشتغلوا نقدياً على موضوع الفن، ما يجعله عملاً شاملاً يوثّق لتجارب فنية متعددة الأجيال، من سبعينيات القرن الماضي إلى اليوم. وأضافت أن الهدف الأساسي هو إبراز مسارات فنانات مغاربيات واجهن تحديات كثيرة في سبيل تأكيد حضورهن في المشهد الثقافي.
من جانبها، أوضحت رشيدة التريكي أن المؤلف يُعد "كتابة ثقافية" عن الفن من منظور نسائي، تعكس حساسية خاصة قادرة على تفكيك الصور النمطية السائدة حول علاقة المرأة بالإبداع. وأشارت إلى أن الهيمنة الذكورية في تاريخ الفن ظاهرة عالمية، وأن مساهمات النساء المغاربيات اليوم تقدم رؤية مختلفة تعزز المساواة في فضاء الإبداع.
وقد عبرت التريكي عن أملها في ترجمة الكتاب إلى اللغة العربية لتوسيع دائرة قرائه وتمكين الجمهور العربي من الاطلاع على التحولات التي يشهدها المشهد الفني النسائي في المنطقة.
كما شهد اللقاء مداخلات لفنانات تونسيات ساهمن في المؤلف، منهن آمنة بن يدر، مؤسسة فضاء للعرض، والفنانة التشكيلية نجاة الذهبي، اللتان تحدثتا عن تجاربهما ورؤيتهما المشتركة لأهمية توثيق الذاكرة الفنية النسائية في المغرب الكبير.
الكتاب، الذي سبق تقديمه في الرباط خلال شهر يونيو الماضي، يمثل خطوة جديدة نحو إعادة قراءة تاريخ الفن المغاربي من خلال منظور نسائي متجدد يسعى إلى إبراز الدور الصاعد للفنانات في إثراء المشهد التشكيلي والثقافي في المنطقة.


