عودة بينالي الإسكندرية بعد اثني عشر عاماً: الفن المتوسطي يستعيد فضاءه التاريخي

أضيف بتاريخ 08/23/2025
الجِنان Al Jinane


بعد غياب دام اثني عشر عاماً، يعود بينالي الإسكندرية لدول البحر الأبيض المتوسط في سبتمبر 2026، ليعيد الحياة إلى واحدة من أقدم وأعرق التظاهرات الفنية في العالم. هذا الحدث، الذي انطلق للمرة الأولى عام 1955 في ظل حقبة الرئيس جمال عبد الناصر، يعد ثالث أقدم بينالي على الساحة الدولية بعد فينيسيا وساو باولو، والأقدم في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.  

توقف البينالي منذ عام 2011 بفعل الاضطرابات السياسية التي شهدتها مصر عقب الثورة، ولم ينجح في استعادة زخمه سوى عبر محاولات محدودة انتهت بتوقف كامل منذ نسخة 2009، التي شهدت تتويج الفنان السكندري وائل شوقي بجائزة البينالي الكبرى. واليوم، يعود هذا الحدث برؤية جديدة يقودها الفنان المصري المعروف معتز نصر، الذي يتولى الإشراف الفني على الدورة السابعة والعشرين تحت عنوان "هذا أيضاً سيمر"، ويشارك فيها 55 فناناً من مختلف بلدان المتوسط.  

جاء اختيار نصر ليعكس خبرة فنية تراكمت على مدى عقود، حيث سبق له أن مثل مصر في بينالي فينيسيا عام 2017 وأسس مركز "درب 1718" في القاهرة، الذي شكل فضاءً محورياً للمشهد الفني المعاصر حتى هدمه سنة 2024. الجديد في هذه العودة لا يقتصر على الجانب الإبداعي وحده، بل يمتد إلى طبيعة التنظيم، إذ تقام الدورة وفق صيغة شراكة بين وزارة الثقافة المصرية وعدد من الفاعلين والممولين من القطاع الخاص، في نموذج يعكس الظروف الاقتصادية الدقيقة التي تمر بها البلاد، ويمنح في الوقت نفسه استقلالية أكبر للمشروع الفني.  

تتزامن عودة البينالي مع حراك ثقافي متجدد في مصر، يتجلى في افتتاح جزئي للمتحف المصري الكبير قرب أهرامات الجيزة واستقطابه آلاف الزوار يومياً، إلى جانب مبادرات معاصرة مثل معرض "إلى الأبد الآن" الذي يجمع بين الفن الحديث والمعالم الأثرية. هذا السياق يضع عودة بينالي الإسكندرية في إطار أوسع من محاولات استعادة مصر لدورها كمنبر ثقافي إقليمي ودولي، يعيد وصل الحاضر بتاريخ فني ورمزي ضارب في العمق.  

يرى القيم الفني معتز نصر أن هذه العودة تمثل محاولة لبث الحياة في مشهد فني ظل ساكناً لفترة طويلة، قائلاً إن الهدف هو تحريك المياه الراكدة وصناعة موجة جديدة من الإبداع. وبينما تتحضر الإسكندرية لاحتضان هذا الحدث التاريخي، تبدو آمال الوسط الثقافي معلقة على أن يساهم في إعادة رسم خريطة الفن في المنطقة ويعزز من حضور مصر كمركز محوري على الساحة المتوسطية والعالمية.