أوقفت السلطات الجزائرية صلاحية الجواز البيومتري للكاتب فرنسي-جزائري بوعلام صنصال (81 عاماً) بعد الإفراج عنه، في خطوة تُحوّل الإدارة إلى أداة عقابية وتُلزمُه بطلب تأشيرة كأي أجنبي للعودة إلى بلده. هذا التعطيل يضيّق على حرية التنقل ويكشف نهجاً سلطوياً في التعامل مع الأصوات المنتقدة.
بحسب المعطيات المتداولة، تم تعطيل جواز السفر في النظام المركزي، ما يجعله غير صالح للسفر ويُرغم صنصال على مخاطبة القنصليات الجزائرية في فرنسا لطلب التأشيرة إن أراد زيارة مسقط رأسه. يتقاطع ذلك مع سجالٍ سياسي وإعلامي أعقب تصريحاتٍ أدلى بها بعد الإفراج في 12 نوفمبر، حين أعلن رغبته بالعودة لاختبار جدية «العفو» واسترجاع أغراضه الشخصية، منها الحاسوب والهاتف.
بدأت محنة الكاتب يوم 16 نوفمبر 2024 لدى توقيفه في مطار الجزائر ثم التحقيق المكثّف داخل مرافق المديرية العامة للأمن الداخلي، لساعات طويلة يومياً حول علاقاته وكتاباته وتصريحاته لوسائل الإعلام. لاحقاً نُقل إلى جناح شديد الحراسة في سجن القليعة وصدر بحقه حكمٌ في يوليو بالسجن خمس سنوات بتهمة نشر معلومات كاذبة والإدلاء بتصريحات تمس «الوحدة الوطنية»، على خلفية حديثٍ لوسائل إعلام فرنسية شكّك فيه بالرواية الرسمية، وتطرّق إلى تاريخ أجزاء من الإقليم وعلاقتها بالمغرب، ومسألة تشكّل «الأمّة» قبل الاستعمار.
جاء الإفراج بوساطة إنسانية من الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير بعد تشخيص إصابته بسرطان البروستاتا أثناء الاحتجاز، ونُقل بطائرة تابعة للجيش الألماني إلى برلين قبل أن يعود إلى فرنسا. ورغم تحذير الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من «الانتباه» بشأن أي عودة، أبقى صنصال على موقفه بالزيارة لإظهار النية الحسنة وقطع الشك باليقين. تعطيل الجواز، بالمقابل، يبدو كإجراء استباقي يمنع اختبار تلك الوعود، ويجنّب السلطة إحراجاً محتملاً على الحدود.
تُثير الخطوة أسئلة أوسع حول أثرها على حالات أخرى، مثل الصحافي الفرنسي كريستوف غليز الذي حُددت جلسة استئنافه في 3 ديسمبر، فيما يشير صنصال إلى أنه خفّف نبرته العامة تجنّباً للإضرار بمن لا يزال يواجه القضاء الجزائري. في المحصلة، يعكس تعطيل جواز السفر تداخلاً بين الأمني والإداري يُقوّض الحق في العودة، ويغذّي صورة نظامٍ يُعادي المساءلة والمصالحة، ويضيق بانتقاداته.